المقدمة :
المقالة الفلسفية – كإنجاز يطالب به تلاميذ أقسام السنة الثانية و الثالثة ثانوي -هي عبارة عن تمرين المقصود منه التعرّف على قدرة التلميذ على التفكير الشخصي في موضوع ما . و هي مناسبة لتحسس قدرة التلميذ على فهم المشكلة المطروحة ، و تصور أبعادها و مختلف جوانبها و مقتضياتها و تحليلها تحليلا منظماً متسلسلاً تسلسلاً منطقياً ، و تحديد مختلف المواقف منها و البحث عن مبرراتها و حدود تلك المبررات .
و هذا ما يفتح المجال للتلميذ – لا إلى عرضها فقط- بل إلى تحليلها و نقدها و أخذ موقف منها معتمـداً في ذلك على معلومات الدرس و ثقافته الشخصية و نتائج مقالاته الفلسفية و غير الفلسفية و على خبرته الذاتية و معطيات الواقع الذي يحياه.
و من خلال هذا المنظور فإن الأهداف النوعية الخاصة بالمقالة الفلسفية تخضع إلى الأهداف الأساسيـة التي تحددها طبيعة المادة ، من جهة ، و إلى الغايات التربوية و المقاصد البيداغوجية من جهة أخرى ، و هي ترمي أساساً إلى :
تنمية الروح النقدي لدى التلميذ و تدريبه على التخلص تدريجياً من الأحكام المُسبقة و القوالب الجاهزة وإكسابه منهجية واضحة في التفكير تخوّل له تحررا حقيقياً.
تعويد التلميذ على الدقة في طـرح المشكلات و معالجتها بصورة منطقية وفق مقتضيات العــــقل و معطيات الواقع ، و هو ما يساعد على زرع ملكة التحليل و النقد و التركيب في عقليته . و هــذا من شأنه أن يعود التلميذ على النظرة الشاملة و العميقة و بمعنى آخر النظرة الموضوعية لجميع المشاكــل التي يطرحها أمامه الواقع على مستوى المعرفة من جهة ، و الممارسة من جهة أخرى .
صد الانغلاق و التحجر الفـكري ، و ذلك عن طريق ترويض التلميذ على التــــــفكير الحرّ و المستقيم و تربية ملكة التساؤل لديه ، و هذا ما يساعد على تكوين شخصية مكتملة و متزنة .
ز انطلاقاً من هذا الأرضية المبدئية، و وفقا للغايات التي وقعت الإشارة إليها آنفاً نقوم في بحثنا هذا بعرض حال المقالة الفلسفية كما هي في الواقع داخل الأقسام ، ثم نقترح تصوراً نحدّد من خلاله شروط المــقالة و نبيّن طرق و تقنيات الكتابة في هذا المجال .
و في الأخير نلحّ على أهمية مساعدة التلميذ على معرفة شروط المقال و التدرب عليه علماً بأن دور الأستاذ في القسم الدراسي يبقى دائماً رئيسيا ، و مجهود التلميذ الذاتي و تدربه الفعلي على الكتابة جوهرياً.
إذن كيف هو حال المقالة داخل أقسامنا ؟
و كيف يمكن لنا كمُدرّسين تجاوز النقائص التي وقعنا فيها ؟
الفصل الأول:
أولاً: المقالة: تعريفها و مقاييسها
-Iتعريفها
-II مقاييس المقالة الفلسفية
1. من حيث المبنى .
2. من حيث الشكل.
3. من حيث المضمون
ثانياً: المقالة كواقع و ممارسة.
1. مدى استجابة المقالة لشروطها و مقاييسها ميدانياً.
2. جملة العوائق التي تمنع المقالة للاستجابة لشروطها ميدانياً
3. كيفية ممارسة مدّرس الفلسفة لفعل المقال و مدى التزامه بالمقاييس المحددة لذلك
4. واقع المقال لدى تلاميذ السنة الثانية (2) ثانوي .
5. واقع المقال لدى تلاميذ السنة الثالثة ( 3) ثانوي
أولاً : المقالة : تعريفها و مقاييسها
I - تعريفها : بناء على ما ورد في مقدّمات المقررات المدرسية ، يمكن القول بأن المقالة الفلسفية " ليست مجرد تعبير من أجل لتعبير ، أو نقل انطباعــات لانطباعات" و ليست ثرثرة و لا شظايا من الكلمات و العبارات . إنها بناء فكري يُعبر فيه صاحبها عن أفكاره و مواقفه، إزاء قضايا فكريـــة و فلسفية تتراءى فيه روحه النقدية ، و النظرة الشمولية و الحكمة الإنسانية . و هو في هدا ، يحتاج إلى قدرات ذهنية ، تُعينه على إنجاز عمليات التحليل ، و التركيب ، و الاستدلال المنطقي ، و البرهنة المُفحـِمة في حالتي الإثبات و النفي .
إذن، المقالة هي القول المُنظم و المُؤسس منطقياً ، و هي بناء فكري و نسق منطقي و هندسة . " و لهذا ، فمن لم يهندس لبنائه الفكري ، و لا يعرف كيف يجعل هندسته في متناول القارئ .. يصبح غير مفهوم ، على الرغم أحياناً من جمال لغته و سلامتها ، و قوة معلوماته المعرفية و وفرتها"
إن المقالة الفلسفية تخضع لقواعد خاصة لا بدمنها ، و هي عمل تطبيقي يعكس مدى فهم و استيعاب التلميذ لمادة الفلسفة ، و كيفية بنائها في منظومة منطقية سليمة ، و لا شك أن التلميذ يتعلم عن طريق الممارسة المستمرة للكتابة الفلسفية المتميّزة ، و التفكير الفلسفي المتسامح ، المُستنير ، المطبوع بالروح النقدي ، و القدرة على إبداء الرأي الشخصي.
II - شروط و مقاييس المقالة الفلسفية:
من حيث المبنى : يتألف كل مقال فلسفي من حيث بنائه من :
• المقدمة .
• التحليل.
• الخاتمة .
1- من حيث الشكل : يحتوي كل مقال على:
• التمهيد
• طرح المشكل .
• الكشف عن طريقة التحليل .
• احترام الخطوات حسب متطلبات الطريقة.
• البرهنة
• الاستنتاج.
• الفصل النهائي في الإشكال
• سلامة اللّغة.
2- من حيث المضمون : إن مضمون المقال يقتضي عناصر الإجابة التالية:
• إدراك الموضوع بدقة.
• بناء و صياغة المشكل صياغة دقيقة.
• تغطية الموضوع ، مع وفرة و سلامة المعلومات ، و وجود الاستشهادات و الأمثلة.
• تجسيد خطوات الطريقة.
• بناء البراهين المنطقية المُحكمة.
• حوصلة النتائج المتوصل إليها ، أو تحويل مجال التفكير.
ثانياً: المقالة كواقع و ممارسة.
1- مدى استجابة المقالة لشروطها و مقاييسها ميدانياً.
تدل الدراسة الميدانية أن نسبة كبيرة من تلاميذ السنة الثانية و السنة الثالثة على حد سواء ، لهم قدرة معينة على حفظ المعلومــات و تخزينها ، إلا أن هؤلاء التلاميذ تنقصهم القدرة على فهم هذه المـــعلومات ، و توظيفها و بنائها في نسق منطقي سليم.
و بالتالي فإن المقالة كممارسة في تصور فئة كبيرة من التلاميذ هي ركام من المعلومات ، أو كـــومة من المعار ف ، أو سرد و إحصاء لنظريات و أقوال الفلاسفة و آرائهم. و المقال عندئذ في تصورهم مجرد تعبير من أجل التعبير ، و نقل الانطباعات للانطباعات ، و أحيانا تتحول الكتابة الفلسفية لديهم إلى ثرثرة تفتقر إلى عمق الأفكار و دقة الأسلوب و سلامة البناء المنطقي.
2- جملة العوائق التي تمنع المقالة للاستجابة لشروطها ميدانياً:
أ - يمكن القول بشكل عام ، أن الأسلوب التعليمي الذي خضع له التلاميذ، في كل مراحله التعليمية أسلوب يقوي تنشيط الذاكرة و الحفظ على حســـاب تنمية القدرات الذهنية الأخرى ، كالفــهم و التحلـيل و التركيب، و التطبيق، و النقد، و الاستنتاج.
و هذا يجعلنا نتبين أن مدرستنا أهملت المقالة كبناء عقلي ، و موقف فكري ، حيث تُمارس الرّوح النقدية ، و حيث تتوسع آفاق الاطلاع، و يُشحذ فيها الفضول المعرفي . و أصبحت طرائق التعليم عندنا تزج بالتلميذ في عالم التحجر ، ليكون فريسة آليات جامدة تغيب فيها روح الفهم و الإبداع .
ب- إن التلميذ ينتقل إلى قسم السنة الثانية ، أو السنة الثالثة ، و هو يجهل تماماً أساليب و فنيات كتابة المقالة ، في مفهومها العام ( أدبية و تاريخية...) ، و كأن فعل كتابة المقالة هو حكر على الفلسفة دون غيرها من المواد الأخرى ، إنها لمسؤولية خطيرة على عاتق الأستاذ المدرّس للفلسفة.
جـ - ضعف لغة التلميذ و أسلوب الكتابة لديه ، مع جهله لفنيّات تقديم المقالة ، كاللّغة، و الخـــط و علامات الوقوف، و الرّجوع إلى السطر .
د- ضعف رصيد التلميذ المعرفي ، و الثقافي ، و في بعض الأحيان يكون قد شحن ذهنه في السابق بمعارف ساذجة ـو خاطئة فاسدة.
3- كيفية ممارسة مدرّس الفلسفة لفعل المقال و مدى التزامه بالمقاييس المحدّدة لذلك.
تدل ملاحظاتنا الميدانية أن أغلبية المدرّسين لا يولون اهتماما كبيًرا ، بتزويد تلامذتهم بالتقنيات العملية لبناء المقال الفلسفي. ثم إن المدرسين أنفسهم نجدهم يتمسكون بآليات تقليدية و فهومات كثيرا ما تكون غير دقيقة ، سواء تعلق الأمر بالمقال كبناء فكري ، أو بطرائقه، أو بمحطاته ، و أجزاء هده المحطات .
إن دور المدرس هو إكساب التلميذ أسس و مبادئ و طرق و تقنيات تحرير المقالة ، في مقابل الكتابة المباشرة التي تطغى عليها التلقائية في التعبير و العفوية في التفكير .
إن مهمة المدرّس لا تكمن في تقديم معلومات جاهزة ، بقدر ما تكمن في دفع التلميذ إلى ترتيب معلومـاته و أفكاره ، و ربطها ببعضها البعض ، ربطا منطقياً، يجعله يحسن استخدام ثروته المعرفية ، و خبراته الشخصية ، و يبتعد عن الغموض الفكري، و يصل إلى نتائج صحيحة .
فالغرض من تدريسنا للمادة ليس تقديم فلسفة جاهزة للتلميذ- فالفلسفة لا تعلم- و إنما إكسابه القدرة على ممارسة التفلسف .
4- واقع المقال لدى تلاميذ السنة الثانية ثانوي ( الشعبة الأدبية)
تدل الملاحظات المتكررة أن أغلبية المدرّسين لا يلتزمون مقاييس كتابة المقالة الفلسفية مع تلامــذتهم في هذه الأقسام . و بالتالي لا يكتسب هؤلاء مهارة الكتابة وفق ما حددناه سابقاً من شـــروط و مقاييس المقالة الفلسفية. حيث نجد كثيرا من المدرسين يلجؤون إلى تدريب التلاميذ على الأسئلة الجزئية بحجة أن قدراتهم اللغوية و الذهنية ، و المعرفية و المنهجية ، لا تسمح بممارسة فعل كتابة المقال الفلسفي . كما أننا نجد تلاميذ السنة الثانية قد تعودوا على التحليل السطحي ، و التناول الساذج للقضايا و الموضوعات الفكرية ، بعيدا كل البعد عن التفكير التأملي العميق . و نلاحظ أن المدرس لهذا المستوى ( السنة الثانية ) تعترضه مشاكل معينة ، كالوقت غير الكافي ، فإن ساعتين في الأسبوع تجعل المدرّس في حيرة من أمره، و لهذا نرى أنه يمكن استغلال الوقت بكيفية حسنة ، و نعني بهذه الكيفية ، أن يقدم المدرس درسه النظري ، على شكل مقال فلسفي ، فيربح الوقت، و يجعل التلميذ يفكر دوما بشكل منهجي ، و يتفلسف في إطار طريقة معينة .
و نرى كذلك أن يعوّد المدرس تلميذه على كيفية فهم الموضوع ، و طرح المشكلات الفلسفية ، بهدف تدريبه على الكتابة الفلسفية ، تمهيدا لتحرير المقالة كاملة فيما بعد.
و من الصعوبات الأخرى ،التي يواجهها المدرس و التلميذ ، على مستوى السنة الثانية ، عدم وجود كتاب المقالات ، حتى في الحوليات ف ي السوق الموازية و عدم وجود سلم التنقيط يُناسب المقالة الميدانية ، أما سلما التنقيط قيل سنة 97 و بعدها ، فإنهما وضعا في الأصل لأقسام السنة الثالثة ثانوي .
و في الأخير يمكن أن نشير كذلك إلى ضعف الميل و الرغبة لدى التلميذ في جميع المستويات ، و تأثره بشكل واضح بالنظرة الاجتماعية إلى الفلسفة ، و التي غالبا ما تؤدي إلى ازدرائها و النفور منها.
5- واقع المقال لدى تلاميذ السنة الثالثة ثانوي:
نصادف في هذا المستوى بجميع شعبه صعوبات من نوع أخر ، يمكن أن نجملها فيما يأتي:
- إن التلميذ لم يكن له سابق معرفة بالفلسفة ( الشعب غير الأدبية)
- و إنه مطالب بممارسة فعل كتابة المقالة بجميع طرائقها المتعدّدة .
- الحجم الساعي الأسبوعي ثلاث ساعات ( بالنسبة للشعب غير الأدبية ) لا يكفي لتطبيق كل التعليمات المقرّرة و بالتالي تحقيق الأهداف المحدّدة .
- معامل المادة ( اثنان) مما يؤدي إلى قلة اهتمام التلاميذ بها ، باعتبارها – في نظرهم- مادة ثانوية . ( بالنسبة للشعب غير الأدبية)
- لا وجود لكتابة المقالات ،حتى و إن وُجدت حوليات في السوق الموازية )فنحن نشك في قيمتها منهجياً و معرفياً ، و بالتالي لا تصلح في معظمها أن تكون عوناً للتلميذ في دراسته.
- جهل التلاميذ بمعنى المقالة كبناء فكري ، فالمقالة لا تعدو عندهم أكثر من سرد لما حفظوه ، و لعل ذلك يعود لرواسب السنوات السابقة.
- ضعف لغة التعبير عند التلاميذ ، لدرجة أنهم لا يستطيعون كتابة ما يفهمونه ، و لا فهم ما يقرؤون أحياناً.
• و في ختام عرضنا لواقع حال المقالة الفلسفية داخل الأقسام بمدارسنا ، تقول حان الوقت للاهتمام بكيفية التدريس ، وفق أطر علمية ، و منهجية ، و تجنب الارتجال و عدم الدقة ، في عرض ما لدينا ، و في إفهام الآخر ، و الأخذ بيده إلى فضاء معرفي ، ينشأ فيه نشأة سوية، و يُعد فيه الإعداد الكامل من جميع النواحي.
• نقترح في الفصل الثاني من هذا البحث رؤية نحدد من خلاها آفاق المقالة الفلسفية كما يجب أن تكون وفق أسس منهجية و دقة
الفصل الثاني :
أولا : تعريف المقال الفلسفي
ثانيا : معايير كتابة المقالة الفلسفية
1. المعيار اللّغوي
2. المعيار المعرفي
3. المعيار المنطقي
ثالثاً: إعداد المقالة الفلسفية
1. مرحلة فهم الموضوع
2. مرحلة تحديد طريقة المعالجة
3. تحديد مادة المعالجة
رابعاً: بناء المقالة الفلسفية
I - المقدمة
1. وظيفتها
2. أجزاؤها
II – التحليل
III- الخاتمة
1. ضرورتها
2. مميزاتها
3. أجزاؤها
4. ما يجب تجنبه في الخاتمة
خامساً: الخاتمة
أولاً: تعريف المقال الفلسفي
ماذا يقصد بالمقالة أو المقال؟
لقد ورد في بعض المعاجم تعريفات للمقالة أو المقال:
من ذلك ما أورده جميل صليبا في معجمه الفلسفي في قوله: "القول: الكلام، الرأي والمعتقد وهو عملية عقلية منظمة تنظيما منطقيا، أو عملية مركبة من سلسلة من العمليات العقلية الجزئية، أو تعبير عن الفكر بواسطة سلسلة من الألفاظ أو القضايا التي يرتبط بعضها ببعض.
والقول مرادف للمقال، والمقالة".
المقالة: إذن كمفهوم عام هي القول، ولكن ليس كل قول يمكن أن يكون مقالة، وهي ليست عرضا وسرداً واستظهارا وكومة من المعارف يتلو بعضها بعضا، بل المقالة هي القول المنظم المؤسس منطقيا.
المقال بناء فكري ونسق منطقي وهندسة " ... ولهذا، فمن لم يهندس لبنائه الفكري، ولا يعرف كيف يجعل هندسته في متناول القارئ ... أضحى غير مفهوم، على الرغم أحيانا من جمال لغته وسلامتها، وقوة معلوماته المعرفية ووفرتها".
إن المقالة الفلسفية تخضع لقواعد خاصة لابد منها، هي عمل تطبيقي يعكس مدى فهم واستيعاب التلميذ لمادة الفلسفة وكيفية بنائها في منظومة منطقية سليمة، ولاشك أن التلميذ يتعلم عن طريق الممارسة المستمرة الكتابة الفلسفية المتميزة، والفكر الفلسفي الحر المتسامح المستنير المطبوع بالروح النقدي والقدرة على إبداء الرأي الشخصي المدعم دوما بالحجج المقنعة.
المقالة بناء فكري وهندسي
ثانيا: . معايير كتابة المقالة الفلسفية:
إن كتابة المقالة الفلسفية ترتبط بمعايير تقتضيها الضرورة المنهجية ويمكن حصر هذه المعايير في:
1. المعيار اللغوي:
إن الكتابة الصحيحة يجب أن يراعي صاحبها دوما قواعد الدلالة وقواعد التركيب عندما يريد أن يجسد أفكارا ينقلها إلى الغير في صـــورة دقيقة واضحة. ولا يتم له ذلك إلا إذا حرص على المطابقة بين الدال والمدلول بحيث يوظف كلمة دون غيرها من الكلمات الأخرى لتعبر عن معنى معين دون المعاني الأخرى. ومعنى ذلك أن قارئ المقال لا يتمثل الفكرة ويفهمها إلا عندما يعبر عنها صاحبها بوضوح ودقة.
إن احترام قواعد اللغة في الكتابة، شرط ضروري، لتسهيل عملية التواصل القائمة على وحدة القوانين المستعملة في نظم الكلام بين الكاتب والقارئ.
ولاشك أن الذي يمارس عملية الكتابة في الفلسفة يتعلم حتما رويدا أسلوب الكتابة الفلسفية المتميز بمصطلحاته وتقنيـــاته و فنياته .
اللغة لباس المعاني ، فهي تنظمها و توضحها
2. المعيار المعرفي:
ويتمثل في مجموع المعلومات التي يكون التلميذ قد اكسبها من خلال حياته المدرسية خاصة وحياته الاجتماعية عامة.
إن هذا الزاد المعرفي يمثل الرصيد الثقافي الذي يمكّن التلميذ من كتابة مقالاته.
ويمكن حصر المعيار المعرفي في ثلاث أنواع وهي:
- المعطيات العلمية.
- آراء المفكرين.
- الآراء الشخصية.
أ . أما المعطيات العلمية:
إنها حقائق موضوعية على التلميذ أن يكون نزيها وأمينا في نقلها وتوظيفها توظيفاً سليما وفي محلها.
ب. أما آراء المفكرين:
ينبغي للتلميذ أن يتحلى بالموضوعية والروح النقدي في نقله لآراء المفكرين وأقوالهم وعليه أن يميز بين:
- النقل الحرفي لها فيكتب قال المفكر الفلاني ويضع القول بين مزدوجين "...".
- ونقلها بالمعنى فيكتب يرى فلان: كذا وكذا ...
- وتفسيرها وتأويلها و في هذه الحالة عليه أن يصرح بذلك.
مع وجوب التأكد من نسبة القول لصاحبه، ووضعه في مكانه وعند الحاجة كأن يكتب التلميذ وهذا ما أقر به فلان في قولــه: "..." وهذا ما ذهب إليه فلان في قوله: "..." وهذا ما أكده فلان في قوله: "..." حتى لا يتحول المقال، إلى مجرد سرد أقوال الفلاسفة وآرائهم.
جـ. الآراء الشخصية:
كل الآراء والمواقف التي ترد في المقالة ولم تنسب إلى أًصحابها أو إلى جهة معينة فهي من الآراء والمواقف الشخصية لصاحب المقال الذي يجب أن يدعمها بالحجج والأدلة ويقدمها في قالب لغوي وصورة منطقية يسمح للقارئ بفهمها.
إن المادة المعرفية جسم المقالة الفلسفية
3. المعيار المنطقي:
تستهدف المقالة في أساسها الإقناع عن طريق تأييد رأي الحجج وتفنيد الرأي النقيض بالحجج أيضا.
إن إثبات الرأي لا ينحصر في حدود نقص الرأي المخالف، بل البرهنة على صحة الموقف وعلى فساد الموقف المخالف في آن واحد.
ويكون إبطال موقف ما بفحص الحجج التي يستند إليها، وبيان فسادها من الناحية المادية ومن الناحية الشكلية وهو ما يقتضي أن يقوم بالاستدلال على فساد الاستدلال الذي اعتمده صاحب الموقف.
إن المعيار المنطقي يعطينا القدرة على فحص استدلالات الآخــرين فنعرف إذ كانت صحيحة أم فاسدة وفي نفس الوقت نرتب أفكارنا ونصوغها في صورة منطقية سليمة.
إنه يعلمنا كيفية ضبط تصوراتنا، وتوظيف كلمات اللغة بكل دقة لأنه إذا أسيء توظيفها فالعبارة لا تؤدي المعنى المقصود منها وقد توهم قارئ المقالة الفلسفية بالتناقض وإن كان غير موجود.
مع الحذر من الوقوع في التناقض
II. إعداد المقالة الفلسفية:
إن عملية الإعداد للمقالة الفلسفية عملية أساسية تسبق تحرير المقال الفلسفي، ويقتضي هذه العملية المرور بمراحل لابد منها وهي:
1. مرحلة فهم الموضوع:
يتعين على التلميذ بعد أن يختار الموضوع اختيارا حــاسما أن يفهمه فهما صحيحا، وأن يعرف بالضبط ما هو مطلوب منه. ولاشك أن فهم الموضوع يتطلب ما يلي:
أ. القراءة: قراءات متأنية مركزة.
ب. تحديد معاني الكلمات المفتاحية: كل موضوع يتطلب من التلميذ معالجته هو نص له قالب لغوي ومضمون فلسفي وصورة منطقية، عليه أن يتعرف فيه إلى وظائف الكلمات وإلى الدلالات التي تحملها بمقتضى هذه الوظائف وإلى العلاقات الموجود بين هذه الدلالات. وهو ما يسمح للتلميذ بـ:
جـ. صياغة أخرى للسؤال: عند الضرورة أي تحديد المطلوب بكل وضوح ودقة.
2. تحديد طريقة المعالجة هذه المرحلة تقترن بالمرحلة السابقة عليها [طبيعة الموضوع تحدد نوع الطريقة] باعتبار أن كل موضوع يقتضي طريقة معينة هي بعينها دون غيرها، حتى وإن كان بعض الأساتذة يتجاوز هذه النظرة الكلاسيكية لطرائق معالجة موضوعات الفلسفة.
3. تحديد مادة المعالجة:
إن طبيعة المشكلة المطروحة نحدد نوعية المعلومات التي يتعين استعمالها لحل هذه المشكلة.
وهنا يحاول التلميذ أن يصنف المشكلة التي يطرحها نص السؤال في إطار برنامج الفلسفة، حيث يحدد منذ البداية العـــنصر أو العناصر، المحور أو المحاور التي يمكن أن يعالج المشكلة من خلالها.
رابعاً: بناء المقالة الفلسفية:
- ما هي أدوات البناء الفكري للمقالة الفلسفية؟
إن البناء الفكري للمقالة الفلسفية لا يتم بصفة جيدة إلا إذا ما أنجز هذا العمل بكل دقة وعناية وذلك بتنظيم الأفكار وترتيب مراحل الإنجاز عن طريق التخطيط له.
ويمر هذا البناء بثلاث مراحل أو محطات وهي:
•
تحليل (جوهر الموضوع )
مقدمة
خاتمة
حصر المشكل وطرحه
فحص المشكل ومحاولة حله
حوصلة وفتح الأفاق
المقدمة.
• التحليل.
• الخاتمة.
مخطط مقال فلسفي:
أجزاء المقال الفلسفي:
المقدمة مرآة تعكس درجة فهم الموضوع و وعي بأبعاده
أولا:المقدمة
إن أول جزء يواجه التلميذ وهو يحاول تحرير مقاله الفلسفي هو المقدمة:
ما هي الضرورة المنهجية للمقدمة في المقال الفلسفي؟
1. وظيفة المقدمة:
إن المقال يحمل مشكلة ودور المقدمة يتمثل في إبراز المشكلة عن طريق حصرها وصياغتها.
طرح الإشكال
فكرة عامة
* الجزء التمهيدي
إبراز الإشكال
* ربط منطقي بين مرحلتي التمهيد وطرح الإشكال
* حصر الإشكال وصياغته في سؤال أو مجموعة أسئلة
وتتحدد الوظيفة المنهجية للمقدمة، في إبراز الإشكال أولا، وهو ما يمكن تسميته بالجزء التمهيدي للمقدمة وصياغته ثانية، على شكل سؤال، أو مجموعة أسئلة، وقيمة هذه الأسئلة هي وضع القارئ في الموقف الإشكالي من جهة، وإظهار الإطار الذي تعالج المشكلة فيه من جهة ثانية، وبناء عليه نتصور مخططا للمقدمة كما يلي:
2. أجزاء المقدمة:
أ. الجزء الأول: الجزء التمهيدي
الغاية منه الوصول إلى الموضوع بعد وضعه في إطاره المرجعي، فالتمهيد هو تحديد لموطن الإشكال وإبرازه انطلاقا من فكرة عامة.
- ماذا نقصد بالفكرة العامة ؟
لا نعني "بالفكرة العامة" كل فكرة عامة يمكنها أن تكون منطلقا عاما يصلح لكل الموضوعات إن "الفكرة العامة" هي في الحقيقة فكرة "خاصة وإن كانت "عامة" تناسب موضوعا بعينه ولا تصلح لغيره إلا في حالة وجود شبه بينهما فكل موضوع من الموضوعات يندرج ضمن مجموعة كبرى من المسائل ينبغي التذكير بها في التمهيد، لذلك يجب أن يكون التمهيد ملائما للموضوع الذي ستتم معالجته بحيث لا يمكن أن يكون اعتباطيا وعاما يصــلح لكل الموضوعات وإذن عند كتابة المقالة نتجنب أن تكون المقدمة عامة ومبتذلة كأن يصوغ التلميذ بعض الجمل التي لا تفيد الموضوع في شيء وتميع البحث من ذلك:
- منذ أن ظهر الإنسان على وجه البسيطة ...".
- "إن الله سبحانه ميز الإنسان عن سائر المخلوقات ...".
- إن هذه المسألة العويصة اختلف حول الفلاسفة ...".
- الخ ...
و من ثمة يمكن أن تكون "الفكرة العامة" (التمهيد).
- تجربة شخصية.
- ملاحظات متكررة.
- ذكرى.
- واقعة أو واقع معاش ... وهو ما يساعد التلميذ على طرح المشكلة.
إن التمهيد هو كالرواق بالنسبة للغرف يخضع إلى نسق معماري معين
ب. الجزء الثاني: طرح الإشكال
وفي الجزء الثاني من المقدمة يشير التلميذ إلى المشكــل الذي يتضمنه نص الموضوع بأسلوب تساؤلي لا يقر ولا ينفي أي جانب منه ولا يشوه الموضوع.
ويتم طرح المشكلة من خـلال عدد من الأسئلة من الأفضل أن لا يتجاوز الخمسة، حـتى لا يقع التلميذ في تشتت. ينطـــلق طرح المشكل من سؤال رئيسي، ومنه تتفرع الأسئلة التي تكون العناصر الفرعية للمقال، بحيث ترتب بصفة متدرجة منطقية، توحي بالتخطيط المزمع اتباعه.
وهكذا فإن المقدمة ليست مجرد فكرة ساذجة يقع بسطها في بضعة أسطر، بل هي إثارة لمشكلة محدودة وضبط للمسائل التي تتفرع عنها.
وبهذه الطريقة يمكن للقـــارئ أن يشعر إثر إطلاعه على المقدمة بجزأيها، بأن الموضوع قد وقع فهمه وأن المعالجة ستتم بكيفية مضبوطة، ذلك لأن المقدمة تعكس درجة فهم التلميذ للموضوع ومدى وعيه بأبعاده المختلفة.
ماذا يعني السهم الوارد في مخطط المقدمة؟
السهم يؤكد على الانتقال المتدرج، بل والمنطقي من "الفكرة العامة" إلى طرح الإشكال الذي يعد نتيجة منطقية لها.
طرح الإشكال
تمهيد
والحقيقة أن الكثير من التلاميذ ينتقلون من الفكرة العامة إلى طرح الإشكــال بدون وجود ربط منطقي وهو ما يفقد المقدمة بنيتها المنطقية وبالتالي وظيفتها المنهجية.
ما هو عدد سطور المقدمة؟
إن عدد سطور المقدمة يتناسب طردا وعدد سطور المقال الفلسفي ويمكن القول أن طول المقدمة يمثل نسبة مئوية تتراوح من 10 إلى 15 % من المجموع "كم" المقالة.
ما ذا يجب أن نتجنبه عند كتابة المقدمة؟
أ. الإطالة التي تجعل المقدمة تفقد وظيفتها المنهجية.
ب. الاختصار الشديد الذي لا يجعل منها مقدمة وظيفية.
جـ. أن تكون المقدمة عامة ومبتذلة.
د. أن تتضمن موقفا أو حلا سيصل إليه التلميذ في الخطوة الثالثة من المقال.
هـ. أن تتضمن شيئا من المعالجة، الأمر الذي يتناوله التوسيع. فإن خلت المقدمة من هذه العيوب وغيرها وقامت بالوظيفة الموكلة إليها اعتبرت مقدمة صالحة، وكونت الركن الأول للمقال الناجحة.
ويمكن القول أن
المقالة الناجحة هي مقدمة ناجحة
II: التحليل أو جوهر الموضوع
إن التحليل أو العرض أو التوسيع هو المرحلة الأطول والأكثر كمــا في المقالة الفلسفية، ووظيفته المنهجية هي فحص المشكل ومحاولة حله عن طريق عرض المواقف والآراء بما فيها الآراء الشخصية.
إن عرض المواقف يقتضي تحليلها وتأسيسها وقياس ثقلها ومناقشتها.
وكل ذلك يتطلب طريقة ومنهجا تحدده طبيعة المشكلة المراد حلها.
ويختلف التحليل باختلاف الطرائق، فهناك تحليل بطريقة الجدل، وآخر بطريقة الاستقصاء بأنواعه وآخر بطريقة المقارنة ...
III: الخاتمة
المقالة الفلسفية هي فن الوصول إلى الخاتمة
ليس الخاتمة من نوافل المقال الفلسفي، بل هي من عناصره الأساسية فهي تبين وعي التلميذ ببحثه، إذ فيها يقيم البحث الذي قام به من حيث النتائج والمنهج.
هدفها هو إبراز وعي التلميذ بحدود ما قام به من عمل، ولا عمل فلسفي بدون هذا الوعي.
1. ضرورة الخاتمة:
لماذا تعتبر الخاتمة ضرورة منهجية؟
إن كاتب المقال ومنذ البداية عليه أن يعلم نقطة الوصول التي يجب أن ينتهي إليها. وهو ما يجعل القارئ يدرك أن صاحب المقال بمثابة الدليل المحترف المتمرس الذي ينتهي بصاحبه إلى وجهة معينة ويدل ذلك على أن كاتب المقالة على دراية تامة بمضمون المقال وأجزائه. وللأسف الشديد عند قراءتنا لما كتبه التلاميذ توحي لنا هذه القراءات في أحيان كثيرة أن تلامذتنا لا يعرفون جيدا مقالاتهم ولا نقطة الوصول التي ينتهون إليها، وكأنهم لا يعرفون ما يكتبون.
وإذن الضرورة المنهجية تقتضي أن يكون لكل مقال خاتمة.
2. مميزات الخاتمة:
بماذا تتميز الخاتمة في المقال الفلسفي؟
إن الخاتمة:
- يجب أن تكون مرتبطة ارتباطا منطقيا، بما سبق عرضه من قبل.
- إنها ضرورية ضرورة الأجزاء الأخرى للمقال.
- إنها تعكس خاصتين أساسيتين وهما:
أ. الصرامة المنطقية.
ب. الروح التركيبي:
ماذا نقصد بالصرامة المنطقية؟
يجب أن يشعر القارئ بوجود علاقة ضرورية بين الخاتمة وباقي أجزاء المقال، والخاتمة بهذا المعنى تلزمنا بها الضرورية المنطقية. وهو ما يؤكد أن المقال بناء فكري ونسق منطقي.
وماذا نقصد بالروح التركيبي؟
يتجلى الـــروح التركيبي في الخاتمة من خلال الكيفية التي يتم بها إنجـاز الحوصلة بدون تكرار ما ورد في الأجزاء الأخرى للمقال.
إن تلخيص ثلاث صفحات مثلا في ثلاث أسطر يتطلب معرفة كلية إجمالية بمضامين وأجزاء المقال ككل.
3. أجزاء الخاتمة:
ما أجزاء الخاتمة؟
الجزء الأول: مرحلة الحوصلة (Le bilan) وتحتوي هذه المرحلة على قسمين هامين وهما:
أ. تقديم نظرة تأليفية موجزة للنتائج التي تم التوصل إليها في التحليل.
ب. إبداء الرأي واتخاذ المواقف اتجاه المسألة المطروحة في المقدمة ويكون ذلك تتويجا للبحث والتحليل فالخاتمة لها وظيفة دقيقة. يتم فيها رسم حدود النتائج وحدود الطريقة. والبحث الفلسفي يتميز دوما بإدراك حدوده.
الجزء الثاني: مرحلة فتح الآفاق (L'élargissement) ويكون ذلك بإعطاء أبعاد جديدة للموضوع المعالج عن طريق ربطه بفكرة أكثر عموما وشمولية وبمشكل آخر، وهو ما يؤدي إلى تحويل مجال البحث وتوسيع آفاقه.
إن هذه المرحلة لا تكون دائما ضرورية إلا إذا شعرنا بقيمتها المنهجية في المقال. وإذا اقتضت طبيعة المشكل المطروح ذلك.
فتح الآفاق
(ربط المشكل بفكرة أكثر عمومية أو بمشكل آخر)
حوصلة
إنهاء المقال إذا اقتضت الضرورة المنهجية بعلامة استفهام
(سؤال فتح الآفاق)
الوصول إلى النتائج
الاستنتاج
4. ما يجب تجنبه في الخاتمة:
أ. غياب الخاتمة:
إن الوظيفة المنهجية للخاتمة باعتبارها حلا وإجابة وحوصلة ونتيجة للأجزاء السابقة للمقال في حالة غيابها عنه تجعله مبتورا وهو ما يجعل القارئ يضيع في متاهات لا نهاية لها وبالتالي يضل الطريق.
ب. الخاتمة المصطنعة:
إن الخاتمة الجاهزة التي لا علاقة لها بصلب الموضوع، ولا تمثل نتيجة منطقية لما سبق عرضه يجب تحاشيها وتجنبها.
جـ. الخاتمة (تحصيل حاصل) التي تعيد ما ورد في الأجزاء الأخرى للمقال.
د. الخاتمة المبتذلة (La conclusion banale):
وجوب تحاشى الصور والصيغ المبتذلة العامة والمبالغة في إسداء النصائح والوعظ والإرشاد، فالموقف الصحيح يجب أن يفرض نفسه بقوة برهانه.
هـ. الخاتمة الكارثة (La conclusion en catastrophe):
في بعض الأحيان قد يضيع الوقت من التلميذ، ويجد نفسه ملزما بوضع خاتمة، فيلجأ إلى إنهاء مقاله بفقرة تتميز بالتفكك وعدم الانسجام.
وعلى هذا الأساس، لا ينتظر التلميذ إلى الدقائق الأخيرة للتفكير في الخاتمة، بل يجب وضع الخطوط العريضة للخاتمة منذ البداية.
و. الخاتمة الجزئية:لا يجب أن تكون الخاتمة محصورة في جزء من المقال، بل هي حوصلة حقيقة تتضمن كل أجزاء المقال ومضامينها.
وعليه، لا يجب إهمال الخاتمة، إنها عنصر أساسي في المقال والمقالة في الأساس: هي فن الوصول إلى الخاتمة.
الخاتمة :
تشكل المقالة جانبا مهما في التقييم الإجمالي ، الذي يقوم به المدرّس ليبيُّن قدرة التلميذ على استثمار معارفه في بناء مقالة فلسفية ، و مدى تمكنه و فهمه للمشاكل الفلسفية المعروضة عليه . و كذلك تبرز قدرة تحكمه في البناء المنطقي السليم للمقال المنجز ، من خلال احترامه لثوابت المقال و مســـتلزماته و من خلال تمكنه من استخدام طرق و تقنيات التحليل .
لقد أردنا من خلال هذا البحث أن نبين أن التطبيق في مجال تدريس الفلسفة يُشكل خطوة أخيرة ، يتأكد المدرّس من خلالها من مدى فهم التلاميذ لمحتويات مادته ، و التمكن من ممارسة الكتابة من خلال إنجاز المقالات الفلسفية . و إذا تمكن التلاميذ من ذلك ، نقول أن المدرّس حينئذ نجح في مهمته و في تدريسه .
- فالغرض الأساسي من المقال الفلسفي تقييم التلاميذ من حيث مدى اقترابهم وأو بُعدهم عن المستويـات و الأهداف التي يجب أن يكونوا عليها في نموهم العقلي و الجسمي و الاجتماعي و التحصيلي . و كذلك يُقيّم الأستاذ المدرس طرق تدريسه ، و يُعيد النظر في وسائله المُستخدمة للوقوف على قدرة نجاحـــه في تكوين التلميذ تكويناً فلسفياً و منهجياً.
- فتقييم المقالة الفلسفية هنا ، هو الوسيلة التربوية التي يتم بواسطتها الكشف عن مدى النجاح في تحقيق أهداف العملية التربوية كاملة ، و بيان مواطن القوة و الضعف في الوسائل و الطـــرق التي اُستخدمت في تحقيق هذه الأهداف ، و ذلك للعمل على إصلاحها و تطويرها.
- و في الأخير نتمنى أن يكون بحثنا هذا ، قد قام بعرض حال المقالة الفلسفية كما هي في الواقع داخل الأقسام،كما نتمنى التوفيق في اقتراحنا للتصور الذي حددنا فيه شروط المقالة و بيّـــنا من خلاله طرق و تقنيات الكتابة في المقال الفلسفي.